ابحث هنا

الجمعة، 15 يناير 2016

قوائم المفردات الشائعة وتعليم اللغة

قوائم المفردات الشائعة وتعليم اللغة
تتناول هذه الورقة بعض الجوانب الرئيسية المتعلقة بقوائم المفردات الشائعة وما يمكن أن تسهم به في تعليم اللغة وتيسير إعداد موادها التعليمية. ومع أن قوائم المفردات قد عُرفت منذ عهد بعيد إلا أنها أخذت في الآونة الأخيرة تحظى بالكثير من عودة الاهتمام وإعادة التقييم نتيجة الاهتمام المتزايد بشأن المفردات وتدريسها. وفي هذا الإطار تُلقي الورقة الحالية نظرة عامة على القوائم العربية مع التركيز على قائمتين هما: قائمة الرياض وقائمة مكة لتنفذ من خلال المراجعة النقدية لهما إلى مناقشة أسس ومعايير إعداد مثل هذه القوائم بحيث تكون أكثر إسهاماً في خدمة قضايا اللغة وتصميم مناهجها التعليمية. وتختم الورقة بطرح بعض المرئيات والمقترحات لاستكمال صورة المتطلبات المعجمية ذات العلاقة باللغة وتعليمها.
1. مقدمــة
لعل من أبرز ما يواجهه المعنيون بتعليم اللغة من صعوبات هو تحديد القدر المناسب من المادة اللغوية الذي يلزم طرحه للتعلم[1]. فاللغة في واقعها كيان متسع يتداخل فيه العديد من المستويات والعناصر التي تتفاعل بدورها مع العديد من أوجه النشاط الإنساني. وعلى الرغم من توافر المعارف التي أتاحت للباحثين سيطرة أكبر على هيكل اللغة ومكنتهم من تفكيكه إلى مكوناته الرئيسية واعتبار التعلم يبدأ عن طريق عينات من الجسم اللغوي تمثل أنظمته المختلفة إلا أن السؤال المركزي المتعلق بطبيعة المادة التعليمية وحدودها ما زال قائماً. وإذا أخذنا هذه المسألة في سياق إعداد المنهج الخاص بالمفردات نجدها تمثل واحدة من أبرز ما يواجهه المعدون من مشكلات. فالمفردات في أي لغة من اللغات تعد من الضخامة بمكان يصعب معه تحديد مجموعة بعينها على أنها الأولى من غيرها بالتعلم. كما أن المخزون المفرداتي للمتكلمين يختلف باختلاف الأشخاص وبحسب خبراتهم واهتماماتهم ومستوياتهم العلمية والثقافية، فضلاً عن أنه يبقى على الدوام مشرع الأبواب أمام العديد من العناصر والمواد الجديدة التي تنمو باطراد وبشكل يكاد يكون لا نهائي. ولكن تعلم اللغة - لحسن الحظ - لا يعني بأي شكل من الأشكال تعلم كل ما فيها، ليس بالنسبة للمفردات فحسب ولكن بالنسبة لكافة مكوناتها وعناصرها. فاكتساب اللغة كما يرى جاك ريتشاردز (Richards, 1974: 69) يعد خبرة فريدة لا تشبه غيرها من خبرات التعلم. فلو قارنا بين تعلم اللغة وتعلم الرموز، كأن نقارن بين تعلم اللغة الإنجليزية مثلاً وتعلم حروف الهجاء فيها، فإننا لا نستطيع أن نقول هنا بأننا نعرف حروف الهجاء الإنجليزية حقاً ما لم نعرف كل الرموز الممثلة لها. أي أننا لا نستطيع أن نساوي بين معرفة 75% مثلاً من الحروف المستخدمة ومعرفة حروف الهجاء في اللغة الإنجليزية (ص: 69). ولكن الأمر يختلف بالنسبة للغة إذ لا يحتاج الإنسان لمعرفة كل اللغة ليقال إنه يعرفها، فأبناء المجتمع الواحد يعرفون لغتهم ولكنهم لا يعرفونها جميعاً بأقدار متساوية كماً وكيفاً، ولا يمكن أن يوجد بينهم من يمكن وصفه بأنه يعرف اللغة بكاملها. ومن هنا فإن التحديد الحاسم ممتنع أصلاً، وما يجري في ميدان تعليم اللغة هو عبارة عن تحديد مقادير معينة من اللغة ( تحكمها الأهداف الخاصة بكل برنامج والمعايير التعليمية المعتمدة)، وتهيئة الظروف الملائمة لتشكيل المهارات اللغوية الضرورية لاستخدامها وتفعيلها. وهذا القدر لا ينظر إليه على أنه نهاية المطاف بالنسبة للمتعلم، بل ينظر إليه على أنه أساس ضروري يسمح له باستكمال البناء والتقدم بثقة أكبر في رحاب اللغة الواسعة.
وتعد المفردات في الواقع عنصراً هاماً من عناصر اللغة، ليس فقط من جهة أنها مكون رئيسي من مكونات اللغة ، بل من جهة أنها عنصر جوهري في الاتصال وتحقيق الفهم والإفهام. وهناك شواهد وافرة تدل على ما يسببه ضعف المتعلم في هذا الجانب من آثار سلبية على الاتصال نتيجة العجز عن فهم الطرف الآخر أو الوصول إلى المفردات اللازمة للتعبير عن الأفكار أو المعلومات المراد إيصالها[2]. ولا تقتصر آثار الضعف في الحصيلة المفرداتية على الاتصالات الشفاهية بل تتعداها إلى القراءة حيث يعد ذلك من أكبر المعوقات في هذا الجانب والمسؤول الأكبر عن عدم الفهم.
والحق أن هذا الجانب – جانب المفردات – لم يحظ بالاهتمام المطلوب في السابق، وخاصة بعد سيادة الفكرة البنيوية التي تعد التركيب – وليس المفردات- العنصر الأهم في اللغة ، وترى أن اكتساب اللغة يتم من خلال تمثّل القوانين الرئيسية في النظام اللغوي التي يمكن للمتعلم عند اكتسابها ملأها بما شاء من مفردات. وعلى الرغم من أهمية هذه النظرة في ذاتها وأثرها البالغ في توجيه الدراسات اللغوية، وخاصة النظرية، إلى آفاق أرحب، إلا أنها أدت إلى إغفال جانب المفردات وترك الجانب التطبيقي المتعلق به دون علامات إرشادية تذكر. وهكذا بقي موضوع المفردات جانباً مسكوتاً عنه في ميدان تعليم اللغة ولم يبدأ باستعادة جاذبيته إلا بحلول الثمانينيات حيث أخذ ينال تركيزاً أكبر من قبل الباحثين والمعلمين, (انظر مثلاً (Carter and Mccarthy 1988) و (Coady and Huckin, 1997)). وكان من نتيجة هذا الاهتمام أن بدأنا نسمع عن مناهج تقوم أساساً على البعد المعجمي للغة lexical approaches . كما قاد هذا التصاعد في العناية بالمفردات إلى ظهور العديد من الدراسات في طرق تعليم المفردات والأساليب الممكنة لاختيارها وتقديمها، وبلورة الطرق المثلى لإعداد المواد التعليمية المبنية على البعد المعجمي، (انظر على سبيل المثال سنكلير ورينوف (Sinclair and Renouf, 1988) وشمت وشمت (Schmitt and Schmitt,1995), ولويس (Lewis, 1997) والمراجع المذكورة هناك).
2. قوائم المفردات الشائعة
تعد قوائم المفردات الشائعة من الأعمال المرجعية الأساسية التي يمكن الإفادة منها في تقنين وتنظيم المواد اللغوية التعليمية. وقد ارتبطت منذ نشأتها بتعليم اللغة حيث كانت تهدف في الأساس إلى تسهيل التعليم وتبسيطه. ويمكن فهم التبسيط المشار إليه هنا بطريقين وذلك بحسب النهج المتبع في إعداد هذه القوائم. ففي القوائم المعتمدة على الإحصاء وحساب ورود الكلمات في نصوص معينة يتمثل التبسيط في تقليص الاتساع المعجمي للغة وحصره في فئة معينة تبدو أكثر بروزاً واستخداماً. فهذا النوع من القوائم التي تعتمد على الإحصاء الموضوعي يستجيب بشكل أولي لمشكل الاتساع المعجمي من خلال تحجيمه في دائرة المفردات الأكثر شيوعاً التي يرجح كونها أكثر سهولة في التعلم. ومن أقدم الأمثلة على هذا النمط من القوائم قائمة ثورندايك (Thorndike, 1921). أما القوائم الذاتية فهي تنطلق من نظرة خاصة للتبسيط تعتمد على إجراء مقارنات مقصودة وعلى معايير ذاتية تستهدي بخبرة من يقوم بالإعداد وتجربته في تعليم اللغة. ومن هذا القبيل ما قام به أوغدن وريتشاردز (Ogden and Richards, 1930). وسيكون التركيز هنا على النوع الأول الذي يعد الأكثر والأشيع في هذا النوع من الأعمال المعجمية. ومهما يكن من أمر المنهج المتبع في إعداد قوائم المفردات الشائعة، فإن الانتقاء بشكل عام يعد ضرورة لا غنى عنها، ومبدأً يفرض نفسه في ظل الاتساع المعجمي للغة الذي يحول دون السيطرة عليها بشكل كامل من قبل أي متعلم كان، (انظر طعيمة، 1985: 182) .     
3. قوائم المفردات الشائعة في العربية
ظهر في اللغة العربية عدد من قوائم المفردات الشائعة، وقد أحصى منها رشدي طعيمة حتى عام 1985م خمساً وعشرين قائمة[3]. وسنلقي في هذا الجزء نظرة سريعة على هذه الأعمال مع التركيز على قائمتين منها، هما: قائمة "المفردات الشائعة في اللغة العربية" التي أعدها داود عبده (1399هـ ، 1979م)، و"قائمة مكة للمفردات الشائعة" التي أعدت من قبل فريق من الباحثين في معهد اللغة العربية بجامعة أم القرى (1401هـ). وسنشير إلى الأولى بقائمة الرياض وإلى الثانية بقائمة مكة. ويأتي التركيز على هاتين القائمتين من جهة أنهما الأحدث نسبياً والأكبر من حيث مجال التغطية والمادة المفرداتية. ونظراً لتنوع القوائم المعمولة في العربية من حيث منهج الإعداد وعينات الجمع ومصادره والجمهور الذي تتوجه إليه كل قائمة، إضافة إلى كمية المفردات المختارة، فإن العرض التالي سيركز على مقارنتها مع بعضها البعض من هذه النواحي.
أولاً: من حيث المنهج: اتبعت أكثر القوائم العربية منهج الإحصاء الموضوعي الذي يقوم على حساب تكرار الكلمات في العينات المختارة والمقارنة بينها على هذا الأساس لانتقاء أكثرها شيوعاً. ولم يشذ عن هذه القاعدة سوى قائمة طعيمة المسماة بـ "قائمة المفردات الشائعة الاستخدام في البلاد العربية"، (طعيمة، 1982) حيث اعتمدت في تحديد درجة الشيوع على استجابات خمسين طالباً عربياً يدرسون في الجامعات المصرية بخصوص عدد من الكلمات المتعلقة ببعض المواقف. وقد تضمنت القائمة الكلمات التي نالت 70% فأكثر من الاستجابات معتبرة إياها من المفردات الشائعة (انظر طعيمة، 1982م).
ثانياً : من حيث عينات الجمع: يمثل الاعتماد على النصوص المكتوبة اتجاهاً سائداً في قوائم المفردات العربية الشائعة. وتختلف درجة تخصص مادة الجمع أو عموميتها بحسب الهدف الموضوع لكل قائمة. ويبدو من النظر في هذه القوائم أن غالبيتها اتجه إلى الكتب المدرسية، وبالتحديد كتب المراحل التعليمية الأولى كما هو الحال في القائمة التي أعدها قدري لطفي كجزء من متطلبات شهادة الدكتوراه من جامعة شيكاغو الأمريكية في العام (1948) بعنوان :Changes Needed in Egyptian Readers to Increase their Value , [التغييرات اللازمة لرفع كفاءة كتب القراءة المصرية]. وقد قام الباحث في هذه القائمة بإحصاء المفردات المستخدمة في كتب المطالعة الستة للروضة وفي الفرقتين الأوليين من المدارس الابتدائية المصرية (انظر طعيمة، 1985: 136). وكذلك كانت قائمة عاقل (1953) المسماة بـ "المفردات الأساسية للقراءة الابتدائية" حيث اعتمدت على كتب القراءة في المرحلة الابتدائية في عدد من البلدان العربية (فلسطين ولبنان وسوريا ومصر والسعودية والعراق) . ومن هذا القبيل أيضاً القائمة المسماة بـ " الرصيد اللغوي الوظيفي للمرحلة الأولى من التعليم الابتدائي" الصادرة عن الهيئة الاستشارية للمغرب العربي في التربية والتعليم. وقد قامت اللجنة الدائمة للرصيد اللغوي بجرد " جميع الكتب المستعملة في المغرب وتونس والجزائر في المرحلة الأولى من التعليم الابتدائي فأحصت مفرداتها بمعانيها وحُدد لكل واحدة منها سياقها وتواترها"، (انظر الرصيد اللغوي، 1975: ج). وقد انفردت هذه القائمة عن القوائم الأخرى التي تناولت المفردات في مراحل التعليم الأولى بأنها أضافت إلى المادة المستقاة من الكتب الدراسية مادة أخرى منتقاة من لغة الحديث جُمعت من "محاورات تلقائية لعدد كبير من الأطفال (من سن الخامسة إلى التاسعة) واستجوابات وأجوبة لأسئلة منوعة تعتمد على مناهج خاصة في كيفية الاستنطاق وعلى قائمة المفاهيم "، (الرصيد اللغوي، ج) .
إضافة إلى ما سبق نجد قائمة "الكلمات الشائعة في كتب الأطفال" الصادرة في عام (1976م) التي اعتمدت على تحليل الألفاظ المستخدمة في مجموعة من كتب الروضة في القاهرة. ويمكن أن نعد من هذا الصنف الذي يعتمد على الكتب الدراسية قائمة معهد الخرطوم الدولي (1981) ولكنها تختلف عن سابقاتها في أنها تتوجه إلى كتب تعليم اللغة  العربية لغير الناطقتين بها.
وهناك قوائم مفردات أخرى اعتمدت على نصوص مكتوبة (غير دراسية) هادفة فيما يبدو إلى مساندة إعداد مواد اللغة للناطقين بالعربية أو بغيرها ولكن في المرحلة المتقدمة. ومن هذا الصنف قائمة بريل التي صدرت (1940) بعنوان: "قاموس الصحافة العربية", وعنوانها الأصلي بالإنجليزية هو:  “ The Basic word list of the Arabic Daily Newspaper” . وكانت هذه القائمة تهدف إلى الإسهام في إعداد الكتب التعليمية من خلال تعريف المؤلفين بالمفردات الأكثر شيوعاً وتردداً في الجرائد اليومية ليسهل على طلابهم قراءتها وفهمها. ومن هذا النوع أيضاً قائمة بيلي :A list of Modern Arabic words  [قائمة المفردات الشائعة في العربية الحديثة] التي جمعها من عدد من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية ، (انظر: عبده ، 1979: ب).
ويمكن أن نعد من هذا الصنف أيضاً قوائم أخرى اعتمدت على عينات مختلفة من الكتابات النثرية بما في ذلك الكتب الأدبية والتاريخية وكتب الثقافة العامة، وأقدم قوائم هذه الفئة قائمة لانداو التي ظهرت عام (1959م) بعنوان:  A word count of Modern Arabic Prose  "المفردات الشائعة في النثر العربي"، وقائمة مكاريوس وراموني التي ظهرت سنة 1968م بعنوان :Word count of Elementary Modern Literary Arabic Text books "المفردات الشائعة في كتب النصوص الأدبية المعاصرة للمرحلة الابتدائية" وكذلك قائمة سارتين (1979م)  Graded Vocabularies for Learners of Arabic  "القائمة المتدرجة لمتعلمي العربية" التي تهدف إلى جمع الكلمات الأكثر شيوعاً في النثر العربي، وتقديمها بترتيب متدرج بحسب المستويات اللغوية ودرجات الشيوع، (انظر : طعيمة، 1985: 147).
وقد ظهرت في مرحلة تالية قوائم تعتمد في مادتها على أعمال سابقة. ومن أشهر هذه القوائم قائمة الرياض وقائمة مكة اللتين سنعرضهما بتفصيل أكبر في الجزئين التاليين.
وعلى خلاف الأنواع السابقة هناك قوائم أخرى استقت مادتها من لغة الحديث وبالذات أحاديث الأطفال الصغار. وتنطلق هذه القوائم فيما يبدو من الرغبة في جعل المواد التعليمية الموجهة إلى الأطفال ملائمة لمستواهم اللغوي والمعرفي مما يمكنهم من الفهم والاستيعاب. ومن هذه القوائم قائمة رضوان التي قدمها ضمن رسالة للماجستير (1952م) وجمع مفرداتها من أحاديث عدد كبير من الأطفال (يزيد على المائتين) بين سن الرابعة والنصف والخامسة والنصف، (طعيمة، 1985: 137) وكذلك قائمة الحسون وهرمز المسماة بـ "الثروة اللغوية عند الأطفال من خلال أقاصيصهم". وقد جُمعت مفردات هذه القائمة من مائة وعشرين قصة حكاها مائة وعشرون تلميذاً في الصفوف الابتدائية الأولى في بغداد، (انظر عبده، 1979: ز، وطعيمة، 1985: 142). ومن هذه الفئة أيضاً قائمة يونس (1974م) عن "الكلمات الشائعة في كلام تلاميذ الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية وتقويم بعض مجالات تدريس اللغة في ضوئها" التي قُدمت كجزء من متطلبات شهادة الماجستير بجامعة عين شمس. وقد اعتمد الباحث في إعدادها على أحاديث مائتين وأربعين (240) تلميذاً من تلاميذ الصفوف الابتدائية الأولى في مصر (عبده, 1979: ز). وتشترك قائمة "الرصيد اللغوي الوظيفي" جزئياًَ مع هذا النمط من القوائم فقد جمعت، كما أسلفنا، علاوة على مفردات الكتب الدراسية المفردات الواردة في أحاديث الأطفال في الدول المغربية التي شملتها القائمة.
ثالثاً : جمهور المستفيدين: إضافة إلى تنوع قوائم المفردات الشائعة المعمولة في اللغة العربية من حيث أسلوب الجمع والعينات التي اعتمد عليها الجمع فقد تنوعت كذلك من حيث الشريحة المستهدفة من إعدادها. فهناك قوائم تشير صراحة إلى أنها تهدف إلى تحسين مستوى المواد التعليمية الموجهة لدارسي العربية كلغة أولى مثل قائمة بيلي وفاخر وعاقل ولطفي وخاطر ورضوان، ويونس ، والحسون وهرمز، وقائمة الرصيد اللغوي. بينما اتجهت قوائم أخرى إلى متعلمي اللغة العربية من الناطقين بغيرها مثل قائمة لانداو، وسارتين، وقائمة معهد الخرطوم الدولي، وقائمة مكاريوس وراموني. أما قائمة الرياض وقائمة مكة فلم تحدد أي منهما نوعية المتعلمين وإن كان يغلب على الظن تركيزهما على فئة المتعلمين من غير الناطقين بالعربية بحكم صدورها عن مؤسسات معنية بهذا الجانب (معهد اللغة العربية بجامعة الرياض ومعهد اللغة العربية بجامعة أم القرى على الترتيب).
ويوجد إلى جانب النمطين السابقين من القوائم أنواع أخرى تعنى بالمفردات في كتب ومتون محددة كما هو الشأن في القوائم التي تحصي مفردات القرآن الكريم أو بعض كتب الحديث النبوي.
3.1 قائمة الرياض وقائمة مكة
نأتي هنا إلى نوع من المراجعة النقدية لهاتين القائمتين بغرض التعرف على المشكلات المختلفة لهذا النوع من القوائم الذي يقوم على المنهج الإحصائي في تحديد المفردات الشائعة. وسيركز هذا العرض على الجوانب المنهجية وعلى الجوانب الرئيسية الأخرى المتعلقة بالمحتوى وكيفية الإفادة منه من منظور تعليم اللغة وإعداد المواد التعليمية وبخاصة تلك الموجهة إلى متعلمي اللغة العربية من الناطقتين بغيرها .
3.1.1 قائمة الرياض
ضمت هذه القائمة ثلاثة آلاف وخمسة وعشرين كلمة (3025) اعتبرتها أكثر المفردات شيوعاً. وقد اعتمدت في ذلك على عدد من القوائم السابقة هي :
1-      قائمة عاقل (1953) التي احتوت على مائة وثمانية وثمانين ألف كلمة
(188.000) جمعت من كتب القراءة الابتدائية في عدد من البلدان العربية هي فلسطين ولبنان وسوريا ومصر والسعودية والعراق.
2-      قائمة لانداو Landau  (1959) والتي ضمت ما يقارب مائة وستاً وثلاثين ألف كلمة جُمعت من كتابات نثرية في مواضيع متفرقة، كما تضمنت مقارنة لنسب التكرار الواردة بها مع تلك الموجودة في قائمة بريل (1940) التالية.
3-      قائمة بريل (1940) التي ضمت ما يقارب مائة وستاً وثلاثين ألف كلمة
(136.000) جمعت من مواد مختارة من بعض الصحف اليومية الصادرة فيما بين عامي 1937م و 1939م.
4-      قائمة غير منشورة للمؤلف أحصى فيها – بالتعاون مع "غريهم لنرد" مائتين وخمسين ألف كلمة(250.000)، معتمداً على مصادر متنوعة شملت سبعة أعداد من الصحف الأردنية الصادرة في عامي 1955م و1956م، بالإضافة إلى بعض النشرات الصادرة في تلك الفترة وكتب القراءة المدرسية للصفوف الابتدائية ما عدا الصف الأول الابتدائي.
وإذا كان اعتماد هذه القائمة على قوائم سابقة قد أسهم في اتساع العينة المفرداتية وتنوعها إلا أنه أدى من ناحية أخرى إلى صعوبة التأليف بين وجهات النظر المختلفة التي تبنتها كل قائمة فيما يتعلق بمنهجية الجمع كما سنرى في الجزء التالي.
3.1.1.1 قواعد الجمع والبعد اللغوي
من المؤكد أن عملية إحصاء المفردات وحساب ترددها لا يمكن أن يبدأ قبل الانتهاء من بعض القرارات الجذرية التي ينبني عليها الفرز والانتقاء. وأي خلل في هذه القرارات سيؤثر بشكل أو بآخر في الناتج الإحصائي الذي ستخرج به القائمة. ويمثل الجانب اللغوي المتعلق بشكل الكلمات وصيغها ودلالاتها المختلفة عنصراً أولياً من عناصر بناء تلك القرارات حيث يتوجب منذ البدء تحديد مفهوم الكلمة تحديداً دقيقاً. ويمكن إيضاح أهمية هذه الجوانب من خلال الأمثلة المختصرة التالية :
1.    قام ، يقوم ، قاموا ، قمن ، قاما ، سيقوم ... الخ .
2.    عقدة (بمعنى عقدة في حبل)، وعقدة (بمعنى وحدة لقياس السرعة)، وعقدة (بمعنى مشكلة نفسية).
3.    كبير - أكبر .
من البديهي أن الحكم على هذه المفردات خارج السياق الذي وردت فيه لن يكون دقيقاً وسيكون بالضرورة متأثراً بالمعرفة اللغوية بالعلاقات الاشتقاقية القائمة بين تلك الكلمات وليس بواقعها الاستخدامي. ولكن الحكم الأدق على هذه الكلمات والقرار بضمها في مدخل واحد أو مداخل متعددة ينبغي أن يعتمد في المقام الأول على السياق ومن ثم على حاجات التعلم التي قد تدعو إلى إبراز كلمة ما على نحو مستقل أو تسمح بضمها إلى غيرها. فالنظرة الأولى لكلمات المثال الأول ترجح إمكانية ضمها في حيز واحد إذ أنها تعبر عن معنى جذري ثابت هو (القيام). ولكن هذا الإجراء مشروط بورود الكلمات بهذا المعنى المحدد. أما لو جاءت كلمة (قام) أو أي من مشتقاتها بمعنى غير معنى النهوض أو القيام كما في قولنا " قام الطالب بواجباته خير قيام" فإن المسألة ستختلف حينئذٍ وسيصبح قرار ضم هذه الكلمة إلى مثيلاتها في الاشتقاق مجانباً للصواب نتيجة لاختلاف المعنى في هذه الحالة، إذ أن (قام) الأولى غير (قام) الثانية.
وتنطبق هذه الملاحظة أيضاً على المثال الثاني حيث تستخدم (عقدة) بنفس هيئتها الصرفية للتعبير عن ثلاثة معان مختلفة. ولا شك أن جمع هذه الكلمات في مدخل واحد سيعطي نتيجة مضللة يظهر أثرها جلياً عندما نحاول عملياً توظيف نتيجة الإحصاء في تأليف مادة لغوية تعليمية، إذ أننا هنا لا نعرف بالضبط أي المعاني تكرر أكثر من غيره.
أما كلمتي (أكبر) و (كبير) فعلى الرغم من تقاربها اشتقاقياً ودلالياً إلا أن خصائصهما التركيبية ومعنى المفاضلة الموجود في الثانية دون الأولى يرجح جانب الفصل بينهما. ومن هنا نجد كثيراً من كتب تعليم اللغة تتناول كل صيغة على انفراد وتطرحهما بتدرج مختلف يَقِّدم (كبير) على (أكبر).
وإذا نظرنا الآن إلى قائمة الرياض في ظل المعطيات السابقة فإنا نجدها قد اضطرت إلى تبني إجراءات من شأنها أن تقلل من قيمة الإحصاء ومن ثم الفائدة المرجوة منه وذلك بوقوعها في محاذير من نوع المحاذير السابقة. وللتمثيل على هذا نسوق ما ذكره مؤلف القائمة من أنه قام باستبعاد الكلمات التي وردت في قائمة واحدة  ولم ترد في القوائم الثلاث باستثناء اسم الفاعل واسم المفعول. والسبب في ذلك أن بريل ولانداو وعاقل قاموا بضم كل من اسم الفاعل واسم المفعول إلى الفعل حين يكونان بمعنى الصفة، ولم يثبتوهما على انفراد إلا إذا جاءا بمعنى الاسم. هذا في حين نهج عبده في قائمته غير المنشورة التي ضمت إلى القوائم الثلاث السابقة إثبات اسم الفاعل واسم المفعول كلاً على حدة في كل الأحوال. ومن الإشكالات الناجمة عن هذا التعارض في منهجيات الجمع أن الرقم النهائي المصاحب للأفعال الواردة في قائمة الرياض يحتمل أن يكون مضخماً وبعيداً عن الواقع لأنه ربما يكون قد أضيف إليه بعض من أسماء الفاعل أو أسماء المفعول. كما أن التردد المصاحب لاسم الفاعل واسم المفعول في المقابل لا يعد بالضرورة واقعياً هو الآخر لأن جزءاً من هذين الفرعين ربما ضم إلى الأفعال. والنتيجة لكل هذا هي أن عدد مرات التردد الخاصة بهذه المواد (الفعل واسم الفاعل واسم المفعول) لا يعبر بشكل دقيق عن شيوعها الحقيقي.
هناك أيضاً خلط غير يسير فيما يخص الجانب الدلالي ناتج عن إعطاء الكلمة ذات المعاني المتعددة مدخلاً واحداً. وكان هذا في معظمة مسايرة للقوائم الأخرى التي فعلت ذلك (قائمة بريل، وقائمة لانداو). ونتيجة لهذا نجد أن كلمة مثل (قضى) التي قد تعني (أمضى ، أو حكم ، أو أوجب ، أو أنجز، أو مات) تأخذ مدخلاً واحداً بغض النظر عن تنوعاتها الدلالية. وقد عمد عبده أحياناً إلى الإشارة إلى المعاني المختلفة للكلمة ولكن ذلك لا يقدم فائدة كبيرة من الناحية الإحصائية لأن رقم التردد المذكور أمام الكلمة هو رقم إجمالي لا يفرق بين معنى وآخر كما في المثال التالي:


الكلمـــــــة
ع
ب
ل
عا
المجموع
جرى (حدث، ركض، سال)

180

115
64
94
453
         
ويعد هذا الإغفال للمعاني المختلفة التي قد ترد بها الكلمة من أبرز جوانب النقص في هذه القائمة وما شابهها من القوائم الأخرى التي تسير على نفس النهج. فهناك فرق بين أن تتكرر كلمة بمعنى واحد وأن تتكرر بمعان متعددة.
وقام معد القائمة كذلك بضم مفردات مثل (صادرات) و (معلومات) مع (صادر) و(معلوم) على الترتيب. وإذا دققنا النظر في هذا الإجراء نجده على علاقة وثيقة بقضية المعنى السابقة وعلى نفس الدرجة من الأهمية. فالقضية هنا ليست مجرد ضم صيغة جمع إلى صيغة مفرد كما هو الشأن في (سيدة/سيدات) مثلاً، كما قد يتبادر إلى الذهن، إذ أن الفرق بين الكلمتين يتجاوز المعنى الثانوي المتعلق بالعدد إلى تمايز أكبر في الدلالة العامة والاستخدام. ولإيضاح هذه النقطة نورد هذين المثالين للمقارنة.
-      هذا أمر معلوم للجميع .
-      هذا عصر المعلومات.
من الواضح هنا وجود فرق دلالي بين (معلوم) و(معلومات), ومن الواضح أيضاً أنه لا توجد علاقة إفراد/جمع صحيحة بين الصيغتين, فالثانية لا تمثل صيغة الجمع الجاهزة للأولى لأن الأولى صفة والثانية اسم ولو أردنا أن نأتي بصيغة الجمع للكلمة الأولى في سياقها الذي وردت فيه لقلنا: "هذه الأمور معلومة للجميع". وبهذا لم يبق من روابط بين المفردتين سوى خيط رفيع من الملابسات الاشتقاقية التي لا تكفي لتسويغ الدمج وإهمال السياقات الاستخدامية التي تمثل المرجع الأكثر أهمية في هذا الشأن.
وقياساً على هذا يمكن أن نعامل كلمتي (صادر) و (صادرات). فعلى الرغم مما يظهر بينهما من تقارب نجد شواهد الاستخدام تقترح خلاف ذلك. فكلمة (صادرات) أصبحت، مثلها مثل (معلومات)، كلمة متخصصة تأتي عادة بمعنى محدد للتعبير عما يصدره قطر معين من منتجات. ولا تعبر كلمة (صادر) عن شيء من هذا حيث ترتبط بمعان أخرى مثل (النابع, أو الخارج، أو المنبعث) كما في عبارة "الأمر الصادر من المحكمة" مثلاً، أو" الصوت الصادر عن هذه الآلة".
ومن هذا القبيل أيضاً ضم النسبة مع المنسوب إليه حيث جمعت كلمات من مثل (بستاني) و(اقتصادي) و(جزئي) مع (بستان) و(اقتصاد) و(جزء) على الترتيب. ولكن الأمر ليس بهذه البساطة فهناك أولاً اختلاف دلالي واضح بين النسبة والمنسوب إليه فضلاً عن وجود بعض التعقيدات الأخرى الناشئة عن إمكانية تعدد المعاني لهذه الألفاظ مما يستدعى مزيداً من الإبراز والتمييز كما يتبين من الأمثلة التالية:
-      هذا تصرف اقتصادي ( = يساعد على توفير المال)
-      هذا رجل اقتصادي ( = يعمل في الاقتصاد أو مقتصد).
-      الاقتصاد خير من الإسراف (= بمعنى الصرف المتحفظ – عكس الإسراف) .
-       اقتصاد هذا البلد قوي (= وضعه المالي).
ومن هذا أيضاً ضم المصدر الصناعي إلى الكلمة التي اشتق منها حيث جمعت "إنسانية مع إنسان، وجاهلية مع جاهل، وقنصلية مع قنصل، وكيفية مع كيف". وهنا – كما في الحالات السابقة- نجد أمامنا مفردات مستقلة من حيث الدلالة وكان من الأولى أن يعامل كل منها بشكل منفرد. ومن الغريب أن المؤلف استثنى من هذا الإجراء كلمات أخرى جاءت بصيغة المصدر الصناعي وصفها بأنها اكتسبت معاني جديدة، فلم يجمع (جمهورية مع جمهور) ولا (اشتراكية) مع (اشتراك). والحق أن التمايز الدلالي متوافر في كافة أمثلة هذا النمط.
كما قام مؤلف هذه القائمة أيضاً بجمع أفعل التفضيل مع الصفة حيث ضمت مثلاً كلمة (أكبر) إلى (كبير) و (أعز) إلى (عزيز). وهذا الإجراء يتعارض أيضاً مع حقيقة اختلاف الدور الدلالي لكل صيغة، ومع حدس معلم اللغة الذي يفضل معاملة هاتين الصيغتين على نحو مختلف يعكس تمايزهما الوظيفي والتركيبي. وحتى حين نتجاوز مثل هذه الاعتبارات الوظيفية أو التركيبية أو التدريسية فإن من المفيد لمستخدمي القائمة أن يحصلوا على صورة شاملة لواقع المفردات كما هي.
ومن قواعد الجمع غير الدقيقة التي اتبعتها القائمة قاعدة ضم كلمات من مثل (إطلاقاً، وتقريباً ، وتماماً ، وأحياناً ، ومعاً)  إلى (إطلاق ، وتقريب ، وتمام، وأحيان، ومع) على الترتيب، (انظر: عبده، 1979: ن). وينطبق على هذا الإجراء ما أوردناه في الفقرات السابقة من ملاحظات، فهذه الأزواج من الكلمات وإن تقاربت في شكلها الصرفي إلا أنها متمايزة من الناحية الدلالية وكان الأولى معاملتها كلاً على حدة. وللتمثيل على استقلالية هذه الألفاظ نورد الأمثلة التالية:
-      تم إطلاق السجناء ـــــ هذا الأمر لا يجوز إطلاقاً.
-      نسعى إلى تقريب وجهات النظر ـــــ مضى من الوقت خمس دقائق تقريباً .
-      كم معك من النقود ؟ ـــــ سرنا معاً بعض الوقت.
ولعل من أكثر الإجراءات غرابة ما أشار إليه المؤلف في مقدمته من فصل بعض الألفاظ المركبة إلى مكوناتها الأولية حيث فصلت كلمات مثل (لابد) و(لاشك) و(ما بال) إلى جزئين، وضُم كل جزء إلى ما يماثله في القائمة (انظر : عبده، 1979: س) بحيث تضم (ما) المركبة إلى (ما) المنفردة، بينما تضم (بد) و (شك) و(بال) إلى ما يماثلها من كلمات. ولا يخفى ما في هذا الإجراء من عدم الدقة في تحديد مفهوم "الكلمة" على نحو يضع في الحسبان وظيفتها الدلالية وواقعها الاستخدامي، ولا يغالي في الاعتماد على التحليل اللغوي الصرف وتتبع الأصول الاشتقاقية للمفردات. ولم يذكر لنا المؤلف جميع الكلمات التي خضعت لعملية التجزيء هذه إذ اكتفى بذكر بعض الأمثلة فقط، ولا شك أن تطبيقها باطراد على النماذج المماثلة لما ذكره سيفضي إلى تجريد القائمة من كلمات عديدة من مثل (عندما، وطالما، وحينما، وحيثما، وكلما، وربما، وإنما...الخ). ولكن يبدو لحسن الحظ أن المؤلف لم يطبق هذه القاعدة على نطاق واسع حيث وردت ألفاظ بتمامها دون فصل: (ربما، وحينما، وعندما، وكلما، وإنما) . ولا يبدو فصل أجزاء الكلمة هنا مرتبطاً بطريقة الكتابة بحيث تفصل الكلمات ذات الأجزاء المنفصلة هجائياً مثل (لابد) فقد جاءت كلمات من هذا النوع أيضاً دون فصل كما نجد في (لازال) و (لا سيما) و(مازال) و (مادام).
وآخر الملاحظات حول قواعد الجمع التي اتبعتها قائمة الرياض تتعلق بكيفية إحصاء الأعداد المركبة والمعطوفة مثل (خمس عشرة) و(خمسة وعشرون). فالإجراء المتبع هنا هو الفصل بين مكونات هذه العبارات بحيث يضُم كل جزء إلى ما يماثله من العبارات المنفردة مما يعني أننا لن نعثر مطلقاً على أي أثر للأعداد المركبة والمعطوفة. ومن الواضح أن هذا الإجراء مثله مثل ما سبق من إجراءات الضم أو التجزيء، ليس له ما يبرره في قائمة ترمي إلى إحصاء المفردات كما هي في الاستخدام الفعلي وكان الأولى بها أن تُعنى بالمادة المفرداتية بعامة، وبحسب المعنى الذي تؤديه كل كلمة، وبغض النظر عما إذا كانت مفردة أم مركبة. ومما يهون من أثر هذا الإجراء أن ألفاظ العدد بعامة تعد إلى حد ما بديهية الشيوع وليست بحاجة إلى تأكيد أهميتها من خلال القوائم، فهي جزء أساسي من المعارف الأولية العامة والضرورية في الحياة والاتصال.
وإذا تجاوزنا الملاحظات السابقة المتعلقة بقواعد الإحصاء فإن قائمة الرياض تعد من الناحية العامة قائمة إحصائية جيدة من جهة تمثيلها لهذا المنهج الذي يعد من أكثر المناهج تداولاً في مجال إعداد قوائم المفردات الشائعة. كما أنها، مقارنة بالقوائم الأخرى، تعد من أكثرها مادة حيث وصل عدد المفردات التي يمكن اعتبارها الأكثر شيوعاً بالمقياس الإحصائي إلى ثلاثة آلاف وخمس وعشرين كلمة. ونظراً لاتساع المصادر التي اعتمدت عليها هذه القائمة وتنوعها (مصادر صحفية وأدبية وموضوعات متفرقة كالتاريخ والاقتصاد والتربية والاجتماع، وكتب مدرسية) فهي تعد أقرب إلى تحقيق درجات أعلى من الشمول مما يجعلها أقرب إلى الإفادة في إعداد المواد التعليمية العامة. ومع أن هذه القائمة هي ثمرة جهد فردي إلا أنها جاءت على قدر جيد من التنظيم والعرض. وقد تضمنت مقدمتها دراسة في قوائم المفردات وعرضاً مفصلاً يوضح المنهج المتبع في الجمع وخصائص القوائم السابقة، بالإضافة إلى مقارنات مفيدة مع بعض القوائم الأخرى التي اعتمدت عليها القائمة.
3.1.2 قائمة مكة للمفردات الشائعة
وقد جمعت هذه القائمة 5446 كلمة، واعتمدت – كما هو الحال في قائمة الرياض – على عدد من القوائم السابقة هي:
1.    قائمة الرياض "المفردات الشائعة في اللغة العربية" (1979).
2.    قائمة معهد الخرطوم الدولي التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
3.    الرصيد اللغوي الوظيفي للمرحلة الأولى من التعليم الابتدائي – من وضع اللجنة الدائمة للرصيد اللغوي وإشراف الهيئة الاستشارية للمغرب العربي.
4.    "القائمة المتدرجة لمتعلمي العربية" Graded Vocabulary for Learners of Arabic والتي أشرف عليها فريق مشترك من جامعة متشجن والجامعة الأمريكية بالقاهرة.
5.    استبيان حول المفردات والمواقف والملامح الثقافية في تعليم العربية لغير الناطقين بها من إعداد محمود فهمي حجازي ورشدي أحمد طعيمة.
وعلى الرغم من هذا العدد الكبير نسبياً للقوائم السابقة التي اعتمدت عليها قائمة مكة، إلا أنها لم تقدم من النتائج ما يتناسب مع هذه الخلفية وذلك ناشئ فيما يبدو عن  محدودية الفكرة الإحصائية التي قامت عليها, إضافة إلى الخلط بين منهج الإحصاء الموضوعي وبعض المعايير الذاتية. وسيأتي فيما يلي إيضاح هذه الجوانب.
جاء في مقدمة القائمة التي حررها تمام حسان أن اللجنة المشرفة على هذه الدراسة قد اختارت قائمة الرياض نقطة انطلاق وقاعدة تبدأ منها عمليات الجمع حيث ارتضت اللجنة معظم هذه القائمة (قائمة الرياض) وجعلتها منطلقاً للنظر فيما اشتملت عليه القوائم الأخرى، (قائمة مكة: 19). وعلاوة على عدم وضوح الكيفية التي تمت بها الإفادة من قائمة الرياض فإن من المؤكد أن الاعتماد عليها فيما يخص مفهوم الكلمة وأسلوب معاملة الصيغ المتقاربة اشتقاقياً سيؤدي تلقائياً بهذه القائمة إلى الوقوع في كل النواقص التي وقعت فيها سابقتها.
وإذا انتقلنا إلى الجانب الأهم المتعلق بالعمليات الإحصائية في هذه القائمة نجد أنها تخلو من أي حساب لتكرار الكلمات من النوع المعتاد في قوائم المفردات. فليس هناك ما يشير إلى مرات ورود الكلمات في النصوص التي قام عليها الإحصاء. وما يشار إليه في القائمة على أنه نسبة شيوع لا يعكس في الواقع نسب التكرار الفعلية التي توصلت إليها القوائم السابقة مجتمعة أو منفردة، وإنما يشير فقط إلى عدد القوائم التي وردت بها الكلمة لا غير. وهكذا انصب الجهد الإحصائي على مجرد ملاحظة الورود من عدمه في القوائم السابقة بأي نسبة كان. وجاء أعلى تكرار وفق هذا التوجه معبراً عنه بالرقم (5) وأقل تكرار معبراً عنه بالرقم (1). وعليه جاءت المفردات حاملة الأرقام من (1) إلى (5) دون أن يعرف المستخدم كيف يفرق بينها أو يضعها في ترتيب محدد بحسب تكراراتها الفعلية التي وردت بها في النصوص الأساسية التي اعتمدت عليها الأعمال السابقة ابتداءً. فمن الواضح إذن أن هذا الإجراء, فضلاً عن كونه محدوداً ومخالفاً لمفهوم إحصاء المفردات الشائعة, قد تسبب في تغييب الجهود الإحصائية السابقة وهو ما نعده من أبرز المآخذ على هذه  القائمة.
ولمزيد من الإيضاح لهذه النقطة يمكن مقارنة شيوع بعض الكلمات في قائمة مكة مع تلك الواردة في قائمة الرياض، فكلمتي (معِدن) و (معركة) مثلاً في قائمة مكة متساويتان في الشيوع حيث أخذ كل منهما الرقم (3) وليس هناك من وسيلة تطرحها القائمة لتقديم إحداهما على الأخرى.  ولكن تكرارهما بحسب قائمة الرياض يكشف عن فرق كبير بينهما لا يسمح بالتساوي: (معدن) تكررت 38 مرة، بينما تكررت (معركة) 151 مرة. ومثل ذلك كلمتي (منزل) و (نافذة) حيث أعطيت كل منهما درجة ورود واحدة يمثلها الرقم (5)، في حين تحتفظ لهما قاعدة الرياض بتمايز واضح حيث تكررت الأولى 267 مرة بينما تكررت الثانية 72 مرة فقط. وبينما أعطيت كلمة (مساعدة) رقماً متدنياً هو (2) في قائمة مكة نجدها في قائمة الرياض تصل إلى 139 مرة.  وفي المقابل نجد كلمة (حائط) تأخذ الرقم (5) في قائمة مكة، في حين لا يزيد تكرارها في قائمة الرياض عن 37 مرة فقط.
يضاف إلى ذلك أن قائمة مكة استخدمت بعض المعايير الانتقائية التي حاولت فرضها على نواتج الإحصاء فيما اعتمدت عليه من قوائم. فقد جاء في المقدمة أن اللجنة لجأت إلى تلك المعايير من منطلق حرصها "على أن تتسم نتيجة عملها بقدر من الموضوعية تنأى بها عن التجاوز وعن الهوى الشخصي في الإثبات والاستبعاد"، (قائمة مكة:23). ولكن يبدو أن القائمة قد وقعت في شيء مما حذرت منه. فتحاشي الذاتية والهوى الشخصي في الجمع والاستبعاد لا يتحقق باستخدام معايير هي نفسها ذاتية. وحتى إذا تجاوزنا هذه النقطة على أساس أن بعض المعايير المطروحة يمكن الإفادة منه بشكل عام في إعداد قوائم المفردات الشائعة، إلا أن تطبيقها الكامل في وضعية قائمة مكة يظل أمراً بعيد المنال لكون العمل الآن لا يتناول مادة نصية أولية بل يتناول أعمالاً منتهية يحمل كل منها قيوده المنهجية وأسسه الخاصة في الجمع التي قد لا تسمح بإجراء تعديلات لاحقة. ولإيضاح هذا الجانب سنركز الآن على المعايير التي تبنتها اللجنة المشرفة على إعداد القائمة، وهي كما يلي :-
1-      الشيوع: وبناء عليه عمدت اللجنة إلى اختيار المعنى الأشهر واستبعدت المعاني الأخرى. فمثلاً في الكلمة "أخذ" تنظر اللجنة إلى معنى "تناول وتستبعد معنى "شرع".
2-      الفصاحة: وبناء عليه استبعدت اللجنة المرادفات "الأقل فصاحة" ومثلت لذلك بكلمة "مذياع" التي أختيرت دون "راديو"، وكذلك "أنفق" في مقابل "صرف".
3-      الوضوح: وشرحته اللجنة بأنه تقييد بعض الكلمات بالمعاني الأوضح، فكلمة "دكتور" تؤخذ على معنى من يحصل على درجة الدكتوراه، وليس بمعنى الطبيب.
4-      التكامل: وبحسبه "سجلت اللجنة بعض صور المضارع التي لم يرد لها ماض يمكن حملها عليه"، مثل "ينبغي" لعدم استعمال الماضي منها.
5-      الاقتصاد: وبحسبه استبعدت اللجنة بعض المرادفات حتى وإن توافر للمترادفين شهرة وشيوع، وبناء عليه اختيرت "فرحان" دون " فرِحْ"، و"ماعز" دون "عنز" و"دهشة" دون "دَهَشَ".
6-      الضرورة: وبناء عليها حافظت اللجنة على كل معاني الكلمة "لعدم إمكان تجاهل أحدها" ومثلت لذلك بـ (أ) "نسبة مختلف معاني الكلمة إلى لفظ "أصوات" و (ب) نسبة مختلف معاني الكلمة إلى لفظ "قلد".
أعتقد أنه من الصعب أن ننظر إلى هذه المعايير على أنها موضوعية، على الأقل في إطار المنهج الإحصائي. ولا شك أن كثيراً منها، إن لم يكن كلها سيخل، عند تطبيقه، بنتائج الإحصاء إخلالاً كبيراً. وإذا تأملنا الآن المعيار الذي أسمته اللجنة بـ " الشيوع" والذي تلتزم اللجنة في ضوئه بالمعنى الشائع للكلمة دون معانيها الأخرى فإنا نجده في صورته الراهنة معياراً ذاتياً يتعارض أصلاً مع الإحصاء الموضوعي للمفردات الذي يجب أن يعنى في صورته المثلى بفرز المعاني لا دمجها. كما أن محاولة تفعيل هذا المبدأ – على علاته – في القائمة بوضعيتها الحالية المعتمدة على القوائم السابقة أمر لا يمكن تحقيقه بشكل دقيق لأن بعض القوائم – كما أشرنا – قام منذ البداية بدمج المعاني المختلفة للكلمة تحت مدخل واحد الأمر الذي يستحيل معه إعادة فرزها وتفريقها أو حتى إلغائها.
ويتبين من الأمثلة التي طرحتها لجنة الإعداد لشرح المقصود بهذا المبدأ أن مشكلة المعنى لم تحل بشكل مرض في هذه القائمة. والحق أن هذه المشكلة تعد من المشكلات الرئيسية, ليس في هذه القائمة فقط, ولكن في عدد من القوائم الأخرى بما فيها قائمة الرياض. فإهمال فرز المعاني وبيان التكرارات الخاصة بكل معنى على حدة يعد نقصاً كبيراً يتوجب على الأعمال القادمة تلافيه. ولا يكفي أن نضع أمام الكلمة كل أو بعض المعاني التي وردت بها فذلك لن يزودنا بمعلومات كافية عن تكرار كل معنى من تلك المعاني مادمنا لا نجد أمامنا سوى المجموع النهائي لتكرار الكلمة خالياً من أي تفصيل. وأعتقد أن القائمة لو عنيت بهذا الجانب بما فيه الكفاية لما احتجنا أصلاً لمبدأ "الشيوع" المقترح لأن المعاني الأقل شيوعاً في هذه الحالة ستبقى كذلك، وستحمل إلى جانبها دليل ندرتها من خلال الرقم المبين لمرات ورودها.
أما بالنسبة للمعايير الأخرى فقد تكون مفيدة ولكن ليس في قائمة تسعى إلى الكشف عن واقع الشيوع بالاعتماد على الإحصاء الموضوعي للمفردات، بل في قائمة ذاتية تعتمد على الحس اللغوي والخبرة الشخصية. ولما كان أكثر هذه المعايير (الفصاحة، والوضوح، والاقتصاد) يتمركز حول المعنى ويُستَخدم للمفاضلة بين المعاني المختلفة للكلمة فإنه ينطبق عليه ما ذكرناه من قبل بشأن هذه النقطة من ملاحظات. فمحاولة تطبيق هذه المعايير ستصطدم بالموانع المنطقية المشار إليها من صعوبة إعادة فرز المادة أو تعديل منهجيات الجمع في قوائم منتهية. وفي كل الأحوال ينبغي أن يصحب تطبيق مثل تلك المعايير قدر كبير من الحذر وإلا أدى ذلك إلى نتائج متعسفة. ولعل شيئاً من هذا قد حدث بالفعل فيما يخص ما سمي بمعيار "الاقتصاد" الذي اكتفت اللجنة بموجبه بتقديم أحد المترادفين دون الآخر حتى في حال تساويهما في الشهرة والشيوع (قائمة مكة: 25). وقد مثلت اللجنة لهذا باستخدام (فرحان) بدلاً من (فرح)، و(مشهور) بدلاً من (شهير). ولكن ما الذي يجعل الكلمة الأولى في هذين الزوجين أولى من الثانية؟ لعل الأمر المتعارف عليه في مثل هذه الوضعية هو أن يحتكم إلى المادة النصوصية التي يقوم عليها الإحصاء, فتثبت المفردة أو تترك بحسب المعيار الإحصائي[4] المتبع وليس بحسب التحكمات المعيارية والذاتية[5]. ويبدو – لحسن الحظ – أن هذا المبدأ لم يطبق باطراد حيث نجد القائمة تثبت بالفعل كلاً من (فرحان) و(فرح)، ومن الغريب أن (فرح) المستبعدة (نظرياً) بموجب هذا المبدأ ترد، بحسب طريقة قائمة مكة في التعداد، في ثلاث قوائم في حين ترد (فرحان) في قائمة واحدة فقط.
وعلاوة على ما سبق يؤخذ على هذه القائمة إدخالها مواد إضافية لم ترد في أي من القوائم السابقة وتضمينها بحجة أن الفائدة لا تتم بدونها، (انظر: قائمة مكة: 22). ويأتي الاعتراض على هذه النقطة من ناحيتين؛ فلا يوجد أولاً – من الناحية المنهجية - ما يسوغ ضم مفردات غير مصحوبة بأي معلومات إحصائية في قائمة تقوم أساساً على البعد الإحصائي وترمي إليه. وإذا كان من المفيد جداً أن تقوم قوائم المفردات الشائعة بجمع بعض الكلمات مع بعضها البعض على أساس ما بينها من وشائج اشتقاقية أو دلالية – كما سنرى فيما بعد- إلا أن ذلك ينبغي أن يتم ضمن الإطار الإحصائي المتبع وليس خارجه. وتتمثل الناحية الأخرى في أن غالبية المفردات التي جاءت من خارج القوائم لا ترتبط بالضرورة مع الكلمات التي أثارتها ارتباطاً دلالياً أو اشتقاقياً، فهي لم تستدع في إطار نوع من الحقول الدلالية  semantic fields أو في إطار ما يعرف بالتضام أو المصاحبة collocations ، وإنما كان الاعتماد الأكبر على ما تثيره الألفاظ المطروحة من تداعيات. ومن هنا فهي تبدو إضافة غير مبررة وبعيده عن الموضوعية, إذ تتعارض بشده مع المفهوم الإحصائي الذي يقوم عادة على النظر في عينات لغوية محددة.
أشار تمام حسان في مقدمة قائمة مكة إلى أنه "بدا للجنة أن حصيلة عملها ربما اشتملت على مفردات لا تتحقق الفائدة منها إلا بذكر رصيفات لها ذات علاقة ما بها ... وهكذا ندبت نفسي بعد استشارة اللجنة, للقيام بإكمال ما قد يكون هنالك من هذا النوع من النقص, فجعلت كل كلمة مفردة (مما اشتملت عليه كشوف رصد التكرار) مثيراً stimulant يوصل بواسطته من خلال التداعي أو الترابط الحر free association إلى مفردات أخرى مما يرد على البال عند سماع كلمة ما من حصيلة عمل اللجنة. وبهذا أصبحت اللجنة ذاتها مصدراً سادساً من مصادر "قائمة مكة" فلقد كانت نتيجة استعمال هذا الترابط الحر حشداً من المفردات لم تستطع اللجنة أمامه إلا أن تقارن هذا الحشد وما اشتملت عليه كشوف التكرار, فما ورد منه بالكشوف استبعد واعتبر كأن لم يكن, أما ما لم يرد بها فقد أضافته اللجنة إلى الكشوف وسلكته في ترتيبها الألفبائي , ولم تضع أمامه رقماً يدل على التكرار" (قائمة مكة: 22).
ومما يؤخذ على هذه القائمة أيضاً أنها لم تتخذ أي قرار بشأن ما يمكن اعتباره "مفردات أكثر شيوعاً من غيرها" كما فعلت قائمة الرياض. ففي الأخيرة نظر داود عبده في القوائم الأربع التي اعتمد عليها وكأنها أجزاء في قائمة واحدة وقام بجمع تكرارات الكلمات فيها ليتوقف عند حد المفردات التي بلغ مجموع تكرارها في القوائم الأربع ثمان وعشرين مرة، (قائمة الرياض: ح). أما قائمة مكة فالذي يظهر أنها لم تعمل شيئاً من ذلك وإنما جمعت كل المفردات التي تضمنتها القوائم الخمس بغض النظر عن مجموع تكرارها في تلك القوائم منفردة أو مجتمعة. وفي حين استبعدت قائمة الرياض المفردات التي لم ترد إلا في قائمة واحدة فقط، (انظر: قائمة الرياض: م) ، نجد قائمة مكة تثبت كل ما جاءت به القوائم السابقة مما أدى إلى احتوائها على (1918) كلمة لم ترد إلا في قائمة واحدة فقط. ومن هنا يبدو أن مفهوم "المفردات الأكثر شيوعاً" لم يكن متمثلاً بالقدر الكافي في قائمة مكة. فليس هناك ما يشير إلى تركيز فريق العمل على مثل هذه الفئة المفرداتية, إذ اتجه الجهد إلى ضم المفردات الواردة في القوائم السابقة دون النظر في تكراراتها. ولعل ما يزيد هذا الأمر تأكيداً وجود مفردات مضافة إلى القائمة لم ترد أصلاً في أي من القوائم السابقة. لذا فإن هذه القائمة تبدو، من بعض النواحي، عملاً يسعى إلى الحشد أكثر من التركيز على إبراز الفئة المفرداتية الأكثر شيوعاً بالفعل .
4. مشكلات قوائم المفردات
تثير الانتقادات الموجهة إلى قوائم المفردات الشائعة بعامة عدداً من الأسئلة النظرية والتطبيقية التي قد يؤدي التفاعل معها إلى إيضاح المزيد من مقومات الإعداد الأفضل والأكثر ملاءمة للأهداف التعليمية. كما قد يفيد تناول مثل هذه الملاحظات في استشراف نوعية الأعمال المعجمية  lexicographical studies القادمة التي قد يكون من شأنها إتمام الدور الذي بدأته القوائم . وسنحاول  في هذا الجزء أن ننظر في دور القوائم بصورتها الراهنة، وأن نناقش الإشكالات القارة في المنهجيات الإحصائية السائدة في هذا المجال، وذلك للتعرف على نوعية المعايير التي ينبغي الأخذ بها مستقبلاً لتصبح القوائم وما يتصل بها من أعمال أكثر تحقيقاً للأهداف التعليمية المنوطة بها.
ولعل السؤال الأبرز هنا هو: هل تقدم قوائم المفردات بشكلها الحالي المعتمد على حساب تكرار المفردات عوناً حقيقياً للنواحي التعليمية؟ أعتقد أن الإجابة الواقعية على هذا التساؤل لا تخرج عن نمط " نعم، ولكن". فليس هناك من شك في أن حساب المفردات إحصائياً سيساعدنا في الحصر الأولي لمفردات اللغة، وهذا بدوره سيشكل مرجعاً منتظماً نوعاً ما يمكن الاسترشاد به في التعليم وإعداد المواد، ولكن هذا الحصر لا يمكن أن يكون نهاية المطاف، ولا يعني بحال من الأحوال وضع المفاتيح السحرية لإعداد مواد تعليمية لا يشوبها نقص أو خلل. فالمدرس حين ينخرط في عملية الإعداد واختيار المادة اللغوية سيجد أمامه أشكالاً مختلفة من الأسئلة النابعة من تفاصيل الهم التدريسي التي قد لا يجد لها إجابة مباشرة في تلك القوائم. فهناك مفردات أسهل من غيرها، وهناك مفردات أخرى تلائم المستويات المتقدمة ولا تلائم المستويات المبتدئة، وهنك مفردات أكثر تعلقاً بحاجات المتعلم الاتصالية والتعبيرية ومن ثم أكثر احتمالاً لأن تكتسب بسرعة وفاعلية مقارنة بغيرها من المفردات التي لا تتعلق بتلك الحاجات، إلى غير ذلك من المقتضيات. إذن فهناك دور محدود وإسهام مشروط لهذه القوائم, وهذا فيما يبدو هو التصور السائد في أوساط المعلمين ومعدي المواد التعليمية وكذلك المشتغلين بإعداد هذه القوائم أنفسهم. وهكذا نجد داود عبده في قائمة الرياض يؤكد على أن المقصود هو الاستعانة بهذه القوائم وليس الاعتماد التام عليها (قائمة الرياض, 1979: ت). كما أشار تمام حسان في مقدمة قائمة مكة  إلى الأمر نفسه مؤكداً "أن هذه القوائم على رغم ما يبذل فيها من جهد وعناء تقف من الكتاب موقف الناصح لا موقف الآمر، أي أن المؤلف ينتفع بها دون أن يلتزم بحدودها فهي عون له وليست قيداً عليه" (قائمة مكة, 1401: 14-15). وحين يعود البعض إلى مثل هذه القوائم فإن ذلك عادة ما يكون بهدف تحقيق المزيد من حسن الاختيار وضمان قدر أعلى من الدقة والكمال , أو بغرض استلهام أفكار جديدة (Fox and Mahood, 1988: 71).
وتأتي معظم الإشكالات في قوائم المفردات الشائعة من جهة المنهج الإحصائي ومدى وفائه بالحاجات التعليمية كما يراها الممارسون الميدانيون. ولهذا تضمنت الدراسات المتعلقة بالمفردات عدداً من الملاحظات والمقترحات حول كيفية دعم الأعمال الإحصائية وتجويدها وتلافي ما فيها من سلبيات. ومن الإشكالات الملازمة للإحصاء الموضوعي أنه يتأثر بشده بنوع وحجم العينة التي قام عليها الفرز (انظر مثلاً ريتشاردز (Richards, 1974)، وعبده (1979)، وقائمة مكة (1401). فلو أننا قمنا بإحصاء المفردات في كتاب متخصص في الطب مثلاً فإننا سنجد نسبة التكرار الأعلى ستكون من نصيب كلمات لها علاقة بهذه المهنة (مثل الحمى، والمرض، والقلب، والكبد، والأعراض .. الخ). ولعله بسبب من هذا التأثر المباشر بالعينات التي يقوم عليها الإحصاء لا نكاد نجد اتفاقاً تاماً بين القوائم المختلفة (Richards, 1974: 271)[6]. وقد قادت هذه الملاحظة فيما يبدو إلي ظهور فكرة ما يسمى بالانتشار  rang الذي يركز على انتشار الكلمة عبر النصوص المختلفة وليس في نص واحد فقط. ولهذا فإن الكلمات الأكثر أهميه بموجب هذا المبدأ هي التي يطرد شيوعها في أكبر عدد من النصوص .
ويمكن أن نعد من مشكلات القوائم الإحصائية من النوع المدروس هنا إهمال قضية المعنى (كما أشرنا من قبل) ، حيث يؤدي الإحصاء الشكلي للمفردات بمعزل عن معانيها إلى تقليص حجم الفائدة التي يجنبها المستخدم من معلم أو غيره. وهذا القصور سينعكس على كل المفردات ذات المعاني المتعددة ، فالناظر إلى كلمة (صوت) مثلاً لن يعرف ما إذا كان التكرار المعطى لهذه الكلمة يخص المعنى العام (أي ذلك الأثر الفيزيائي الذي نسمعه من أي مصدر كان إنساناً أم حيواناً أم آلة، ونسميه بهذا الاسم) أو أن المقصود به "الصوت الانتخابي". وهنا وإن كان من السهل على المعلم أن يتخذ قراراً بشأن أي المعنيين أكثر تردداً، إلا أن ذلك قد لا يتيسر دائماً في كل المعاني وبنفس الدرجة من السهولة.
ولكن مهما كان من أمر الإشكالات السابقة والانتقادات الموجهة إلى المنهج الإحصائي ومدى فعاليته في الكشف عن المفردات الشائعة فإنه يعد مدخلاً هاماً للجانب المفرداتي في اللغة يقضي على طابع الشتات والاتساع الذي يبدو عليه عادة في غياب الإحصاء. وسأعرض في الجزء القادم بعض المعايير التي يحسن الأخذ بها عند إعداد قوائم المفردات الإحصائية لجعل نتائجها أكثر موثوقية وواقعية من ناحية وأكثر أثراً في تعليم اللغة وإعداد موادها من ناحية أخرى. وسنجد أن ما يعتري القوائم الإحصائية من غياب بعض الكلمات الهامة ذات العلاقة ببيئة التعلم وحاجات الدارسين يمكن تعويضه من خلال إعداد قوائم فرعية مساندة تدور في إطار المواقف والموضوعات ذات العلاقة بمستويات الدارسين وتخصصاتهم واهتماماتهم الاتصالية.

5. مواصفات ومعايير ضرورية
انطلاقاً من الملاحظات السابقة أود أن استعرض هنا أهم المواصفات والمعايير التي ينبغي توافرها في قوائم المفردات الشائعة لتكون أكثر إسهاماً في تعليم اللغة وتصميم مناهجها. وإذا كانت قوائم المفردات الشائعة المبنية على المنهج الإحصائي قد تعرضت للنقد في الماضي، وربما أحياناً لعزوف المعلمين عنها، إلا أنها بدأت تشهد في الآونة الأخيرة شيئاً من إعادة التقييم للدور الذي يمكن أن تؤديه في التعليم اللغوي وبخاصة تعليم المفردات. وقد ساعد على هذا عودة الاهتمام العام بجانب المفردات بعد انحساره لفترة من الزمن في غمرة التركيز على النواحي البنائية في اللغة. فقد تحولت مناهج تعليم اللغة مؤخراً إلى تبني تصورات محددة عن حجم الثروة المفرداتية وكيفية تقديمها وتدريسها. وأصبح بعض المهتمين بتصميم المناهج يستعينون مباشرة بقوائم المفردات بهدف الحصول على مردود تعليمي أكبر في جانب الثروة اللغوية كما نجد عند نيشن (Nation and Newton, 1997: 238). ومن أهم المواصفات والمعايير ذات العلاقة بإعداد قوائم المفردات الشائعة ما يلي :-
1- العناية بالانتشار rang، أي بانتشار الكلمة عبر نصوص العينة المدروسة، وليس فقط بمدى شيوعها في نص أو عينات نصيه محدودة. فمن المهم لتعليم اللغة أن يركز على المفردات التي يكون لها جدوى تعليمية أكبر تنعكس على أداء المتعلمين الاتصالي وفهمهم للنصوص مقروءة كانت أم مسموعة. ولا شك أن ضم هذا العنصر, عنصر الانتشار، إلى عنصر الشيوع سيساعد في تخفيف حدة التحيز التخصصي للنصوص وسيسهم في تحقيق قدر أعلى من الشمول. إنه، بعبارة أخرى، يعطينا بعداً أفقياً للعملية الإحصائية ينضاف إلى البعد الرأسي المتمثل في الشيوع. ومن المؤكد أن أكثر القوائم العربية, إن لم يكن كلها, لم تلتفت بما فيه الكفاية إلى هذا الجانب , كما رأينا في مراجعتنا لقائمتي الرياض ومكة، بل اعتمدت بشكل كبير على الإحصاء الرأسي فقط .
2- العناية بالتفاصيل الدلالية للمفردات بحيث يتناول الإحصاء تكرار المعاني المختلفة لكل كلمة. فالكلمات ليست إهاباً صرفياً جامداً ولكنها ترتبط ارتباطاً عضوياً بمعانيها ولهذا فإن إغفال هذا الجانب يعد نقصاً جوهرياً يقلل من حجم الفائدة المرجوة. وقد رأينا بوضوح عند مراجعة قائمتي الرياض ومكة مدى الاختلاط والتشويش الذي يسببه إهمال هذا الجانب.
ويتحقق الرصد الأمثل للجوانب الدلالية للمفردات عن طريق وضع مداخل للكلمات تتضمن بياناً بمعانيها المختلفة ونسبة شيوع كل منها. فقد تستخدم الكلمة بمعان مختلفة, وشيوعها لا يعني بالضرورة شيوع كافة معانيها. وإذا كان المؤمل من القوائم هو أن تقدم مرجعاً إرشادياً للمعلمين ومعدي مواد اللغة التعليمية فإن إغفال تعدد المعاني يقلل من قيمة هذا الدور ويعيد المشتغلين في هذا الحقل إلى استراتيجية الحدس والاعتماد على المعايير الذاتية. ولعل ذيوع شهرة قائمة ويست West في اللغة الإنجليزية وبقاءها كواحدة من أهم قوائم المفردات على الرغم من قدمها (West, 1953) يعود إلى عنايتها بعدد من الأمور الإضافية وعلى رأسها العناية برصد المعاني المختلفة للمفردة وبيان تكرار كل معنى. ولإعطاء مثال لما يمكن أن يكون عليه العمل في هذا الجانب يمكن النظر في الجزء التالي من قائمة ويست الخاص بكلمة act (انظر  Carter and McCarthy, 1988: 8). ويبين الرقم 2184 في هذا المثال عدد مرات الورود لهذه الكلمة في عينة نصية تحتوي على خمسة ملايين كلمة .

ACT, n.
2184
(1)     (thing done)
A noble act
The act of a madman
14%


(2)     (legal act)
The bill became an act
22%


(3)     (part of a play)
The third act of Hamlet
31%
act, v.

(1)     (behave)
Men are judged not by what they say but how they act
11%*


Act for the headmaster; acting headmaster
7%


My advice is not always acted upon
2%
*(This includes ‘Acting strangely, ‘ etc. = behaving -, U.S.A.).


(2)     (have an effect)
The brake doesn’t act
This acid acts on zinc
6%


(3)     (theatre)
A well acted play
Act the part of
4%

3- الاهتمام ببعض التفريعات الاشتقاقية للكلمة بحيث يتضمن المدخل الأساس, أو الكلمة الرئيسة head word عدداً من الكلمات الأخرى التي ترتبط بها من الناحية الصرفية (انظر (Nation, I.S.P. and Waring, 1997)). ومن المهم, لتحقيق هذا الجانب على نحو مجد بعيداً عن الخلط, أن يوضع تصور نظري محدد لمفهوم العائلة المعجمية word family وأن تعطى كل واحدة من الكلمات الداخلة في الأسرة اللغوية تكرارها الخاص. ومن المتوقع أن يسهم هذا الإجراء في خدمة التأليف المتعلق بالمفردات بشكل عام لما يقدمه من معلومات هامة عن المفردة الرئيسية وما يرتبط بها من مفردات أخرى. وإذا أخذنا هذا الإجراء من وجهة نظر الاكتساب فإنا نجده أكثر انسجاماً مع الفرضية القائلة بأن تجميع الكلمات في مجموعات أو عائلات يساعد على اكتسابها. يقول ناتنغر "إننانتذكر العناصر المفرداتية عادة عن طريق أشكالها, ومن هنا فإن العمل على تقوية قدرتنا على حفظ الكلمات واسترجاعها ينبغي أن يعتمد بشكل أكبر على هذه الأشكال. وإذا كانت عمليات الربط associations تساعدنا على تذكر الأشكال الصرفية نفسها فعلينا إذن تجميع الكلمات مع بعضها البعض لكي يتضح ما بينها من روابط ولكي تساند الصيغ المختلفة بعضها البعض (Nattinger, 1988: 68).
4- الاهتمام بما يعرف بالتضام أو المصاحبةcollocations ، وكذلك بالتعابير الاصطلاحية idioms بكل أنماطها. فقد برهنت الدراسات الحديثة في مجال تعليم اللغة الثانية خاصة على أهمية هذا الجانب في تعلم اللغة، وأصبح معروفاً أن كلام المتحدثين الأصليين بلغتهم الأم يشتمل عادة على استخدامات واسعة لهذه الأنماط من التجمعات المفرداتية الثابتة. فقد أشار متشل ومايلز (Mitchell and Myles, 1998) إلى أن الدراسات في مجال اللغويات النصوصية corpus linguistics تؤكد على الدور الهام للصيغ الجاهزة والنمطية في استخدامات الناطقين الأصليين للغة في التفاعل اليومي (p:12). ولعل تصوير اللغة على أنها فقط مخزون ضخم من الكلمات يخفي إلى حد بعيد أهمية هذه " العبارات" التي تلعب دوراً كبيراً في تطوير لغة متعلم اللغة الثانية وتقريب أدائه ن على الأقل من الناحية الأسلوبية، من الاستخدام الصحيح للغة الهدف (Hoogland, 1993: 76).
ويشير مصطلح التضام إلى أزواج أو مجموعات من الكلمات تستخدم عادة مع بعضها البعض. فقد يستدعي استخدام كلمة ما استخدام كلمة أخرى تتناسب معها بشكل متواتر فكلمة (جريمة) مثلاً عادة ما تستخدم مع الفعل (ارتكب) أو (اقترف) ولو بحثنا لهذه الكلمة عن صفة تتلاءم معها فأسرع ما يردد إلى الذهن حينئذ هو كلمة (نكراء) (Hoogland, 1993: 75). والعبارات الاصطلاحية قريبة من هذا المعنى وإن كانت تختص بالعبارات التي تعني مفرداتها مجتمعة أمراً مختلفاً عما تعنيه مفرداتها منفردة مثل "لبى نداء ربه" و "مات حتف أنفه" ونحوهما.
إذن فنحن هنا نقوم بتوسيع إجرائي لمجال الكلمة وهو توسيع ينبع من منطلق أهمية هذه الجوانب لتعليم اللغة ودورها الحيوي في تقدم لغة المتعلم . ويمكن أن نضم إلى هذا نماذج واسعة مما يعرف بالعبارات ذات المفردات المتعددة Polywords مثل (على وجه الخصوص، في أكثر الأحيان، على أقل تقدير، وما إليها) (انظر : لويس (Lewis, 1997: 256)) .
5- الاعتماد على عينات نصوص كبيرة في الحجم ومتنوعة من حيث الموضوع والمستوى التخصصي لكي تكون النتائج أكثر شمولاً. وبحسب ما نجد في أكثر القوائم العربية المعروفة فإن هذه الناحية المتعلقة باتساع العينة المطروحة للإحصاء لا تبدو متحققة بما فيه الكفاية. فالعينات غالباً ما تكون صغيرة مقارنة مثلاً بالإنجليزية التي يصل فيها عدد مفردات العينات المدروسة إلى الخمسة ملايين وأكثر.
ويرد في جانب التنوع في النصوص المستخدمة مسألة إدخال النماذج الشفاهية ضمن العينات المدروسة. والملاحظ هنا أن القوائم العربية ركزت بشكل أكبر على اللغة المكتوبة وإن كان هناك بعض القوائم التي اهتمت، في  إطار أهدافها المطروحة، بلغة الحديثة إما كلياً أو جزئياً كما رأينا من قبل. وليس هناك من شك في أن اللغة العربية الحديثة تمثل الهدف لتعليم اللغة العربية بشكل عام, فهي تحتل هذا الموقع لاعتبارات عديدة يأتي في مقدمتها الاعتبارات الدينية والثقافية والحضارية. فهذه اللغة (كما هي في الإنتاج الصحفي، والأدبي، وعدد من السياقات الأكاديمية والرسمية والدينية) تمثل أداة التوصيل السائدة والمنشودة، وتحتل موقع الصدارة في جانب الإنتاج الفكري على مستوى العالم العربي وأجزاء من العالم الإسلامي. كما أنها فوق هذا كله تتصل اتصالاً عضوياً بالعربية التاريخية (الفصحى) وتعد امتداداً طبيعياً لها صوتاً وتركيباً وصرفاً ودلالة. فمن غير الغريب إذن أن تشكل محور الاهتمام لقوائم المفردات الشائعة. ولكن اللغة بوصفها أداة اتصال عامة لا يمكن أن تنحصر في الجانب الكتابي فقط، فهي ذات حضور حيوي بارز في مناشط الاتصال الشفاهي التي تحتل الحيز الأكبر من مساحة التفاعل الإنساني بعامة. وهنا نأتي إلى الإشكال المعروف بالازدواج اللغوي الذي يفرض بدوره الأسئلة التالية :-
  • هل تحتاج قوائم المفردات الشائعة إلى ضم نصوص شفاهية إلى عيناتها؟
  • ما هي المبررات ؟
  • كيف يتم تحقيق ذلك دون المساس بالمستوى اللغوي الهدف – العربية المعيارية ؟
من المؤكد أن الاستخدام الفعلي المنطوق للغة يحمل في طياته جوانب لغوية على قدر كبير من الأهمية في تعليم اللغة، وخاصة على مستوى الخطاب والمفردات. ولعله من منطلق هذا الإدراك، وبتأثير المذهب الاتصالي، اتجه الكثير من الكتب الحديثة في تعليم اللغة إلى الاعتماد على مواقف وموضوعات نابعة من بيئة التعايش اليومي المعتاد لتكون إطاراً لتقديم مادتها اللغوية. وإذا تركنا جانباً أهمية هذا المدخل من الناحية التعليمية وجدواه في تطوير لغة المتعلم وعدنا إلى موضوع المفردات فإنه من الواضح أنه يتطلب البحث عن فئة معينة من المفردات قد لا تتوافر بالضرورة في المواد المكتوبة. فمن أين يا ترى يمكن لنا نأتي بمفردات تتعلق بمواقف مثل (في المطعم، في السوق، عند الطبيب ... الخ) أو بموضوعات مثل (الأحوال الجوية، والأسرة، الزيارات العائلية ... الخ). قد يرد في قوائم المفردات الشائعة بعض الكلمات ولكنها قد لا تكون مكتملة أو مجتمعة بالقدر الذي يسمح بتقييمها تقييماً تاماً، ومن ثم انتقاء مجموعة منها تكون مناسبة ووافية بالأغراض التعليمية. إذن فلا مناص من إدخال الاستخدام الشفاهي ضمن عينات قوائم المفردات، على الأقل فيما يتعلق منه بالمواقف الاتصالية الرئيسية لما في ذلك من تلبية للحاجات الاتصالية والتعليمية للدارسين، ولما يحققه هذا الإجراء من ربط تلقائي للغة بجوانبها الثقافية وأعرافها الاجتماعية .
أما تحقيق ذلك مع المحافظة على المستوى اللغوي المستهدف (العربية الحديثة) فهو ممكن من طريقين: أولاً : بالاعتماد على عينة من الحوارات التي تجري في الندوات والمحاضرات واللقاءات الفكرية والثقافية في السياق الأكاديمي أو الإعلامي. وثانياً : من خلال النظر في نخبة مدروسة من مواقف التفاعل اللغوي الحي ورصد المادة المعجمية الشائعة فيها من خلال استبانات مصممة لهذا الغرض (كأن يسأل بعض الدارسين في مرحلة من مراحل التعليم عن ذكر عدد من المفردات التي ترد إلى الذهن في موضوع أو موقف معين)، أو من خلال التتبع المباشر والتسجيل الفعلي لبعض الحوارات الحية وضم مفرداتها إلى العينة الأساسية بعد إخضاعها للتقويمات المعيارية اللازمة.
ومن المرجح أن تحقق مثل هذه الإجراءات عدداً من المزايا الإضافية للقوائم ينعكس أثرها على الجوانب المتعلقة بتعليم اللغة. فاستجلاب الاستخدامات الشفاهية سيضيف من ناحية رافداً لغوياً ثرياً للعينات المدروسة وسيمنحها شمولاً أكبر وموثوقية أعلى، وسيساعد من ناحية أخرى على تزويد المستخدمين بمادة لغوية تبدو على صلة وثيقة بالأغراض التعليمية. وتتبدى هذه الصلة بشكل أوضح من خلال ما يتوافر للغة المستخدمة عادة من سمات السهولة والألفة والارتباط بأنشطة الحياة اليومية. وإذا كانت العينات مستخلصة بواسطة استجابات المتكلمين وتسجيلهم لما يرد إلى الذهن من كلمات في موضوعات معينة فإن ذلك يضيف بعداً آخر للبساطة لكون الكلمات الأكثر جاهزية availability (أي الكلمات الأسرع توارداً على الذهن ) عادة ما تكون أبسط من غيرها. ويهيئ هذا على العموم خدمة كبيرة للمعلمين إذ يزودهم بمادة معجمية قابلة للتوظيف المباشر في الدروس المبنية على مواقف الاتصال الطبيعي, كما يلبي حاجات المتعلمين أيضاً الذين عادة ما يكونون أكثر تجاوباً مع هذا النوع من الدروس، خاصة في المراحل الأولى من التعلم.
والخلاصة أن تضمين عينات الإحصاء جوانب من مفردات اللغة اليومية أمر ممكن ولن يؤثر على المستوى اللغوي المستهدف مادام الناتج النهائي سيعالج وفق الأسس المعيارية لذلك المستوى. ليس هذا فحسب، بل إن لهذا الإجراء كما أشرنا فوائد محتملة تنعكس على طبيعة المادة المطروحة للتعليم
6. استخدام الحاسب في إعداد القوائم
سبق الإشارة إلى أن قوائم المفردات الشائعة في اللغة العربية تناولت عينات نصوصية صغيرة نسبياً مقارنة بما يوجد من قوائم اللغة الإنجليزية. ويبدو هنا أن صعوبة العمل اليدوي الذي تدار به العينات وكذلك الطبيعة الآلية لهذا النوع من الأعمال وما تتطلبه من وقت وجهد كبيرين كان سبباً جوهرياً في تجنب النصوص الكبيرة . ولعل ما لوحظ من نزوع بعض الأعمال إلى الاعتماد على قوائم سابقة يعود في أساسه إلى الرغبة في توسيع القاعدة المفرداتية ولكن بطريقة اقتصادية تتوزع فيها الجهود على أكثر من جهة. ولكن الحديث عن هذا النوع من المعوقات يبدو بلا معنى في وقتنا الحاضر الذي يشهد إسهام القدرات التحليلية الفائقة للحاسب في العديد من المجالات العلمية بما فيها علوم اللغة المختلفة. ولا يقتصر إسهام الحاسب على المساندة والتيسير فقط بل إنه أدى في الواقع إلى وجود اهتمامات جديدة في الدرس اللغوي لم تكن معروفة أو مؤسسة بما فيه الكفاية من قبل, كما يلحظ ذلك من النمو المطرد لما يسمي باللغويات الحاسوبية computational linguistics ، وتعليم اللغة بمساعدة الحاسب computer – assisted  language learning، واللغويات النصوصية corpus linguistics  . وأكثر ما يهم موضوع المفردات من إسهامات الحاسب الواسعة في مجال العمل اللغوي بعامة هو دوره في مجال الدراسات المعجمية وبخاصة مجال علم المفردات lexicology وصناعة المعجم lexicography، وفي مجال تحليل البيانات النصوصية الضخمة كما في اللغويات النصوصية.  لقد أثرى الحاسب هذه المجالات على نحو غير مسبوق كما يظهر بجلاء من المشروع الضخم المعروف بـ COBUILD. (Collins Bermingham University International Language Database) والذي يقوده ويشرف عليه قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة برمنجهام، ويعد واحداً من الأمثلة البارزة على مدى إسهام التقنيات الحاسوبية في معالجة المكانز النصوصية والإفادة منها في إنتاج المصنفات التعليمية وفي مجال تعليم اللغة الثانية تحديداً، و(انظر Carter and Mccarthy, 1988: 58-9).
من المؤكد إذن أن الحاسب يستطيع أن يقوم بدور فاعل في ترقية الأعمال المعجمية إلى مستويات غير مسبوقة من الدقة في المعالجة والاتساع والمرونة, مع الاقتصاد في الوقت والجهود المبذولة. كما أنه يمكن أن يتخذ أساساً لبناء قاعدة مفرداتية متنوعة الأهداف, وقابلة للتطوير والتحديث بشكل مستمر, تكون في خدمة الباحثين والدارسين في مختلف المجالات ذات العلاقة باللغة وتعليمها. ومن أبرز ما يؤديه مثل هذا المرجع التقني الضخم في مجال المفردات ما يلي:
  1. إعداد قوائم للمفردات العربية الشائعة (عامة كانت أم خاصة) تعمل بمثابة مصادر أولية لإعداد المواد التعليمية المختلفة, وعمل الدراسات المتنوعة في هذا المجال.
  2. إعداد كافة أنواع المعاجم سواء كانت عامة أم متخصصة, موجهة للناطقين باللغة الأم أم للناطقين بغيرها, وترقية العمل في هذا الحقل ليصبح أكثر علمية وواقعية وشمولاً, وأكثر يسراً وبعداً عن الاجتهادات والخلط والتغطية المحدودة.
ومن البوادر الواعدة لاستخدام الحاسب في هذا المضمار ما نجده في مشروع "الذخيرة اللغوية" الذي تشرف عليه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء بنك آلي للمفردات العربية قديمها وحديثها يكون عوناً للباحثين في شتى ميادين اللغة وخاصة في مجال إعداد المعاجم (عبد الرحمن الحاج صالح, 1999: 107-108).
 ومن أهم ما يمكن تحقيقه من أعمال معجمية عبر هذا المشروع ما يلي: (انظر: عبد الرحمن الحاج صالح, 1999: 109)

1.    "رصد دقيق وشامل لاستعمال العربية في إقليم خاص في عصر من العصور"

2.    "رصد منتظم للاستعمال الحقيقي لمصطلحات ميدان فني معين"

3.    "تصفح معاني الكلمات من خلال سياقاتها عبر الزمان وتحديد تاريخ ظهور بعض الكلمات الفصيحة المولدة أن اختفائها"

4.    "تحليل لغة كاتب أو شاعر أو خطيب وإحصاء مفرداته بكيفية آلية"

5.    إعداد "المعجم التاريخي للغة العربية"

6.    إعداد "معاجم خاصة بأسماء الأعلام والأماكن وغيرها"

7.    إعداد "معاجم فنية في كل الميادين"

8.    إعداد "معاجم أساسية ووظيفية لتعليم العربية"

9.    إعداد "معاجم لألفاظ الحضارة قديماً وحديثاً"

10.          إعداد "معاجم للغة الطفل العربي"



























7. خاتمــة:
تناولت الصفحات السابقة عدداً من القضايا الرئيسية في مجال قوائم المفردات مع التركيز على ما يمكن أن تسهم به من عون في تعليم اللغة العربية وإعداد موادها التعليمية . وقد تبين أن الإسهام الأولي لقوائم المفردات الشائعة , بوصفها من الأعمال المرجعية الأساسية في مجال تعليم اللغة, يتمثل فيما تحققه من حصر أولي لمفردات اللغة في فئة مفرداتية معينة مما يساعد في تخفيف حدة الاتساع المعجمي للغة الذي عادة ما يكون شائكاً ومحيراً وربما غير نهائي. ومع أن سمة "الشيوع" التي تتسم بها تلك الفئة من المفردات ليست بالضرورة المعيار الوحيد لاختيار المفردات الأنسب لأغراض التعليم, إلا أنها من أبرز السمات, كما تعد مؤشراً أولياً على أهمية المفردة. فالمفردات الشائعة في الاستخدام هي بلا شك أهم للمتعلم من غيرها وعادة ما يؤدي طرحها في المنهج إلى مردود تعليمي أكبر نتيجة لهذا الشيوع. كما أنها, من ناحية أخرى, ترتبط بشكل عام بمقومات البساطة التي يسعى تعليم اللغة إلى تحقيقها وجعلها مدخلاً للتعلم الفعال وخاصة في المراحل التمهيدية. وعلى الرغم من أن قوائم المفردات الشائعة القائمة على الإحصاء تستطيع أن تنهض بهذا الحد الأدنى من الإسهام إلا أن تحقيق مراميها الأكبر يتطلب وفاءها بعدد من المواصفات والمعايير الإضافية. وإذا أخذنا تعليم اللغة منطلقاً لتقييم فاعلية قوائم المفردات فإن أبرز ما تحتاجه هذه القوائم من مواصفات هو: الشمول والتنوع في العينات , ومراعاة المعاني والتفريعات الاشتقاقية للكلمات , والاهتمام بتراكيب التضام collocations والتعابير الاصطلاحية idioms . وقد تبين من خلال مراجعة بعض القوائم في العربية ( قائمتي الرياض ومكة ) , ومتابعة ما يطرح في الأدبيات من ملاحظات حول المنهج الإحصائي الغالب في هذه القوائم, أن الحاجة إلى أعمال تتحقق فيها تلك المواصفات ما زال أمراً قائماً وملحاً. فمن المتوقع أن يزداد اللجوء إلى قوائم المفردات والاستعانة بها في إعداد المناهج نتيجة ازدياد الاهتمام بالمفردات وبروزها كعنصر مستقل من عناصر منهج تعليم اللغة بعد أن كانت عنصراً ضمنياً, وربما هامشياً, في الاتجاهات التعليمية السائدة التي اعتمدت على الجانب التركيبي أكثر من سواه.
وإذا نظرنا إلى جانب المفردات بشكل عام في ضوء تعليم اللغة ومراميه فإن المناقشات السابقة توحي بالحاجة إلى عدد من الأعمال المكملة الأخرى التي تصنع مع القوائم منظومة لا غنى عنها للنهوض بدور تعليمي حقيقي. ومن أهم ما يرد في هذا الجانب ما يلي:
  1. إجراء دراسات تحدد كمية المفردات المناسبة للمستويات التعليمية المختلفة للاسترشاد بها في تصميم المناهج وتقييم نواتج التعليم.
  2. إنشاء قوائم مفردات مكملة للقوائم الإحصائية تستخدم المعيار النفسي المسمى بـ (الجاهزية) availability (أي التوارد الأسرع على الذهن) وذلك لتغطية المفردات والعبارات الأكثر استخداماً في مواقف أو موضوعات محددة ذات علاقة وثيقة باهتمامات المتعلمين وحاجاتهم الاتصالية.
  3. إجراء الدراسات المتعلقة باكتساب المفردات ومتابعة ما يستجد من نظريات في هذا الشأن لإقامة المناهج التعليمية على أسس علمية موثقة.
  4. دراسة المزايا الاشتقاقية للكلمات العربية لمعرفة ما قد يكون لهذه السمة الفريدة في اللغة العربية من أثر إيجابي في الاكتساب وتطوير تعليم المفردات بشكل عام.
  5. إنشاء قواعد معلومات للمفردات العربية تستفيد من القدرات الفائقة للحاسب لتكون مصدراً دائماً لخدمة البحث العلمي في هذه الميادين.
















المراجع العربية:

بريل, موسى (1940). قاموس الصحافة العربية. القدس: الجامعة العبرية.
الحسون, عبد الرحمن وصباح هرمز (1973). الثروة اللغوية عند الأطفال من خلال أقاصيصهم. بغداد: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
خاطر, محمود رشدي (1955). قائمة المفردات الشائعة في اللغة العربية. مصر: المركز الدولي للتربية الأساسية في العالم العربي.
صالح, عبد الرحمن الحاج (1999). "ورقة حول مشروع الذخيرة اللغوية". اللسان العربي, 47: 107-117
طعيمة, رشدي أحمد (1985). دليل عمل في إعداد المواد التعليمية. مكة المكرمة: جامعة أم القرى.
طعيمة, رشدي (1982). الأسس المعجمية والثقافية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. مكة المكرمة: جامعة أم القرى.
عاقل, فاخر (1953). المفردات الأساسية للقراءة الابتدائية. دمشق.
عبده, داود عطية (1979). المفردات الشائعة في اللغة العربية. المملكة العربية السعودية, الرياض: مطبوعات جامعة الرياض.
اللجنة الدائمة للرصيد اللغوي (1975). الرصيد اللغوي الوظيفي للمرحلة الأولى من التعليم الابتدائي. تونس: الهيئة الاستشارية للمغرب العربي في التربية والتعليم.
وحدة البحوث والمناهج (1401). قائمة مكة للمفردات الشائعة, إعداد لجنة من المؤلفين. المملكة العربية السعودية, مكة المكرمة: جامعة أم القرى.
يونس, فتحي علي (1974). الكلمات الشائعة في كلام تلاميذ الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية وتقويم بعض مجالات تدريس اللغة في ضوئها. رسالة دكتوراه غير منشورة , جامعة عين شمس.





[1]  يظل السؤال عن كمية ونوع  المفردات التي يلزم معرفتها للتمكن من الأداء اللغوي المناسب في المستويات اللغوية المختلفة من الأسئلة الشائكة التي تواجه المتخصصين في ميدان علم اللغة التطبيقي. فمن الصعب, كما ترى هيزنبرغ وهلستين (Hazenberg and Hulstijn, 1996) إيجاد إجابة مقننة على مثل هذه الأسئلة العملية. ولكن هناك من الباحثين من يؤكد أن مثل هذه الإشكالات قابلة للحل (انظر مثلاً: غولدن وآخرون (Goulden et al., 1990)).
[2]  جاء في دراسة جود (Judd, 1978) أن ما يواجهه المتعلمون من عدم القدرة على إيجاد الكلمات المناسبة فيما يعترضهم من مواقف خارج جو الحماية الذي يهيئه الفصل الدراسي يعود إلى عدم تعلم المفردات.
[3]  تعتمد المعلومات الواردة في هذا الجزء في معظمها على ما جاء في (طعيمة, 1985) وعلى مقدمة داود عبده في لقائمة الرياض (1979).
[4]  من هذا ما قام به داود عبده في قائمة الرياض حيث استخدم نسبة التكرار مؤشراً لأهلية الكلمة للانضمام إلى قائمة المفردات الشائعة, وعليه فقد استبعد الكلمات التي يقل تكرارها في مجموع القوائم المنتقاة عن 28 مرة.
[5]  ينبغي ملاحظة أن الكلام هنا يخص ما أسمته اللجنة بمعيار "الاقتصاد" الذي يقود فيما يبدو إلى التحيز لكلمة ضد أخرى دون وجود مسوغ مقبول لغوياً كان أو حتى معيارياً . أما إذا اقتضى التوجه المعياري من الأساس الاقتصار على مواد ذات مواصفات أو طبيعة خاصة (مثل الاستخدامات الفصيحة مقابل العامية, أو القديمة مقابل المستحدثة) فأعتقد أن الخيار الأمثل هو أن تُضمن المعلومات عن المفردات المخالفة في المدخل الرئيسي لكل كلمة.
[6]  ومما يؤكد هذا الجانب في القوائم العربية أن تكرار بعض المفردات قد تفاوت تفاوتاً ملحوظاً من قائمة لأخرى، بل إن بعض المفردات لا يوجد إلا في قائمة واحدة فقط مما يدل على التأثير الكبير للمصدر الذي استقت منه القوائم مادتها.

هناك تعليقان (2):

  1. شكراً جزيلاً للمدون أو المدونة الفُضلَيَين.

    مدونة مفيدة ومنظمة وقد استفدتُ منها كثيراً. ما أُعيبه عليها أنها لا تذكر اسم المدون حتى إن اقتبست مما كتب أستطيع أن أذكره ضمن مراجعي.

    أرجو التكرم بإعطائي معلومات ببليوغرافية مناسبة لإدراج هذه المدونة ضمن مراجعي بحثي.

    تحياتي وشكري
    حسين

    ردحذف
  2. أعتقد البحث ل عيسى الشريوفي

    ردحذف